اعلان الهد

بحث عن التلوّث لعناصر الحياة الأساسية

  بحث عن التلوّث لعناصر الحياة الأساسية  

  مقدمة  

لا توجد الحياة إلاّ في المحيط الحيوي (Biosphere)، ذلك الجزء من الكون الذي تعيش فيه الكائنات الحية، هذا المحيط الحيوي خاضع لتأثيرات طبيعية وغير طبيعية، لا يمكن للحياة أن تستمر دونها، فكما تحتاج الكائنات الحية إلى الماء والهواء، فإن الغالبية العظمى منها تتعرض ايضا للفناء إن لم تستقبل أشعة الشمس الدافئة، لهذا فإنّ أي تغيير في هذه العوامل الطبيعية مثلاً، يعني تغييراً في النظام الحيوي ككل .
فمنذ بداية الحياة على ظهر هذا الكوكب وتاريخها مرتبط بأحدث التغييرات بين الكائنات الحية من جهة، وبين ما يحيط بها من بيئات مختلفة من جهةٍ أخرى. حضارات وأمم عديدة نشأت ثم بادت، سهول وبقاع تحولت إلى قفار وصحاري، وغابات كثيفة إلى جبال ووهاد جرداء، وعلى الرغم من هذا كله فقد استطاعت الكائنات الحية المتبقية من حيوانات ونباتات أن تتأقلم مع كل المعطيات التي فرضها الإنسان عليها، وتمكنت من أن توفر لنفسها ظروف حياتية جديدة، وكل هذه التغييرات البيئية التي أحدثها الإنسان في الماضي لم تؤثر على مجرى الحياة، كما يحدث في العصر الحالي، عصر التكنولوجيا الحديثة، وعصر الأقمار الصناعية والحاسوب، هذه التغييرات التي بدأت تُشكل أخطاراً بيئية جمة على الحياة.
فالثورة الصناعية التي باركها الإنسان في مطلع القرن الماضي، لم تدر عليه الخير فقط، بل الضرر أيضاً، حيث أن مخلفات المصانع السامة تلوث الماء والهواء والتربة، كما أنّ إتساع المدن وإنشاء العمران والطرقات، وزيادة الطلب على الماء والغذاء والطاقة، تظهر خللاً واضحاً في التوازن البيئي الطبيعي، الذي لا يمكن إصلاحه في خلال مائة سنة قادمة، حتى وإن توقف الإنسان عن أخذ أي إجراء بمسسباتها.

  أولاً : تلوث الهواء  

إن الهواء الذي نستنشقه في تلوث مستمر ما دامت مصادر هذا التلوّث قائمة تبث غازاتها السامّة في الجو، حيث يوجد في الوقت الحاضر حوالي 80 ألف مادّة سامّة تلوّث الهواء غير أنّ أكثرها خطورة هو غاز ثاني أكسيد الكبريت، وأكاسيد الكربون والنيتروجين، إضافةً إلى المواد الكيماوية السامة الناتجة عن المصانع. 
وتُعدّ السيارات، تليها الطائرات والمصانع ومحطات الطاقة المختلفة ومستوقدات القمامة أيضاً، من أهم مصادر التلوّث حيث تبث الغازات ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يوجد الآن حوالي 120 مليون سيارة، تستهلك 100 بليون جالون من الوقود سنوياً، أي حوالي 11 مليون جالون في الساعة الواحدة، وتستهلك الطائرات 15 بليون جالون سنوياً، وبالرغم من أنّ التلوّث الجوي الناتج عن الطائرات لا يتجاوز 1/25 من التلوث الناتج عن السيارات، إلاّ أنها تفرغ سنوياً كميات كبيرة من الغازات السامّة في الجو يبلغ مداها حوالي 70 بليون طن، علماً بأن الطائرات تستعمل غاز الكيروسين السائل الخالي من معدن الرصاص السام. 
بحث عن التلوّث لعناصر الحياة الأساسية

مهما يكن مصدر التلوّث الجوي هذا، فإنّه يسبب مشكلات بيئية خطيرة لا يمكن تجاهلها، إضافةً إلى تأثيره على حالة الجو، فإنّه يؤثر تأثيراً بالغاً على صحة الإنسان والحيوان والنبات. فمحركات المركبات الآلية الأرضية مثلاً تولد غازات سامّة مثل أكسيد الكاربون(CO) الذي يتحد مع كرات الدم الحمراء (هيموغلوبين الدم) مسببّاً بذلك اختناقاً للإنسان، وغاز أكسيد النتريك (NO) يتفاعل مع أكسجين الجو، حيث تسارع أشعة الشمس من نشاط هذا التفاعل، إلى ثاني أكسيد النيتروجين القاتل (NO2)، والذي بدوره يكوّن مع رطوبة الجو أو الرطوبة في الرئة حامض النتريك (HNO3)، المميت لكل شيء حي. كما ينتج عن المحروقات التي تستعملها المصانع ومحطات الطاقة ومستوقدات القمامة من فحم وبترول غازات سامّة، منأشدّها خطورة غاز ثاني أكسيد الكبريت (SO2) الذي يكون مع الماء حامض الكبريتيك (H2SO4)، وقد يتم هذا التفاعل في الجو أو في رئة الإنسان، حيث يؤدّي إلى موت النبات وإعاقة التنفس في الإنسان. وتتساقط جميع الغازات السامّة على الأرض كأمطار حمضية، حيث تتجمعّ في التربة وفوق النبات فتلوث المياه الجوفية، والأرض والنبات، وتقضي على كثير من الكائنات الحية.

  تأثير تلوّث الهواء على حالة الطقس  

تُعد الأماكن السكنية، وخاصّةً المدن المعاصرة، مناطق دافئة، إذ أنّ درجات الحرارة فيها أعلى منها في المناطق الريفية، وقد يتراوح ذلك بين درجة واحدة و 15 درجة مئوية، كما أنّ أيام الصقيع في المدن أقل بكثير من أيام الصقيع في الريف، ويعود ذلك إلى التلوّث الجوي الذي يغطي أجواء المدن، حيث يكوّن الهواء الساخن المحمل بمواد ملوثة، حجاباً ضبابياً فوقها، يحجز أشعة الشمس في الجو.
ونتيجة تزايد كميات ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء في الجو، تتكوّن فوق المدن ظروف شبيهة بالظروف الجوية داخل البيوت المحمية .
بحث عن التلوّث لعناصر الحياة الأساسية

(Greenhouse effect) فمنذ بداية الثورة الصناعية ارتفعت كمية ثاني أكسيد الكربون في الجو إلى حوالي 11%، كما زادت حوادث الضبخّن فوق المدن والمناطق الريفية أيضاً، وكما أنّ زيادة ثاني أكسيد الكربون في الجو تؤدّي إلى إرتفاع ملحوظ في درجات الحرارة في العالم، فإنّ زيادة التلوّث من ناحية أخرى تمنع وصول أشعة الشمس بشكل طبيعي إلى الأرض، مما يؤدّي إلى إحداث تغييرات واضحة في حالة الطقس، فعلى سبيل المثال كانت درجات الحرارة في العصر الجليدي تقل بحوالي 11 درجة مئوية على ما هي عليه الآن، الأمر الذي يدعو للقلق، وخاصة وإنّ إرتفاع درجات الحرارة المتواصل، نتيجة زيادة ثاني أكسيد الكاربون، قد يؤدّي عاجلاً أو آجلاً إلى ذوبان الثلوج في المناطق القطبية وإلى إغراق نصف الكرة الأرضية، أي التوجّه نحو كارثة جوية لا يعرف مداها حتى الآن. هذا ويميل بعض علماء البيئة إلى الإعتقاد بأنّ التلوّث الجوي بالغبار والغازات السامة التي تمنع وصول الشمس بشكل طبيعي إلى الأرض قد يعيد الكرة الأرضية إلى عصر جليدي جديد ، غير أنّ الرأي الأول هو الأرجح، ومهما يكن الأمر فإنّ جميع هذه الحقائق ما هي إلاّ إشارات واضحة على تفاقم المشكلات البيئية التي نعيشها في الوقت الحاضر، وما دامت الكرة الأرضية تدور في فلكها حول الشمس، فإنّ التأثير على الجو نتيجة التلوّث سيظل في الحسبان. 

  تأثير تلوّث الهواء على صحة الإنسان  

يستنشق الإنسان كل يوم من أيام حياته حوالي 13.5 كغم من الهواء، يتسرّب من خلالها إلى جسمة كميات لا يستهان بها من المواد والغازات السامّة، على الرغم من أن الإنسان مجهز بحواس شم تصد ملوثات الهواء، إلاّ أنّ طاقاتها محددة. فعند استنشاق الهواء الملوث، تُفرز هذه الأجهزة الأجزاء التي لا تذوب في الماء مع المخاط، بينما تنطلق الغازات السامة داخل الجسم، مخترقة كل وسائل الدفاع المتوفرة، فتسبب له مشكلاتٍ صحيةٍ عديدةً منها صعوبةٌ في التنفس، وتسمم واختناق، وربما الموت، كما يتعرّض الإنسان إلى أمراض في القلب والرئة، وإلى إضطرابات في الجهاز العصبي، إضافةً إلى أمراض فيروسية وبكتيرية مختلفة. وقد ذكرت آنفاً أن غاز أكسيد الكربون السام يتحد مع هيموغلوبين الدم مسبباً اختناقاً للإنسان، ويسري أيضاً مع الدم إلى المخ مما يؤدّي إلى خللٍ فيه. 
بحث عن التلوّث لعناصر الحياة الأساسية

والغازات السامّة مثل الأوزون (O3)، وثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد النيتروجين، تسبب حساسية كبيرة في العيون وضرراً بالغاً لشعيبات القصبة الهوائية، وخاصة داء الربو أو النسمة، ومرض انتفاخ الرئة وانهيار حجيرات الهواء فيها، ويلعب التدخين، إضافةً إلى تلوّث الهواء دوراً مهماً في هذا المضمار. 

  ثانياً : تلوّث المياه  

تُعاني معظم الدول الصناعية من موت الحياة في العديد من أنهارها وبحيراتها نتيجة تلوّثها بمخلفات العصر من قمامة ونفايات، وبواقي مواد كيماوية سامّة، حيث تلعب المطهّرات، وخاصةً تلك التي تحتوي على مركبات فسفورية، دوراً في هذا المجال، وذلك لأنّها تنشّط نمو الطحالب في الماء، ممّا يؤدّي إلى خلل في توازنها الطبيعي، وتزداد هذه المشكلة تعقيداً، عندما تبدأ الطحالب بالتعفّن.
ومن أكبر المشكلات التي تلوّث مياه البحار والمحيطات هي قذف مخلّفات المصانع، وخاصةً مخلّفات المواد الكيماوية السامة من أحماض وقوليات ومركبات السيانيد والمواد الزئبقية. إضافةً إلى زيوت البترول ومشتقاتها في مياهها، لأنّ هذه المواد لا تتحلل في الماء، وتحتفظ بسميتها فيها.
بحث عن التلوّث لعناصر الحياة الأساسية

وبشكل عام، فإنّ تلوث المياه يرفع درجة حرارتها، ممّا يسبب موت العديد من الكائنات الحيّة المائية التي تعيش فيها أو على سواحلها، كما يقلل التلوّث من كفاءة التمثيل الضوئي للنباتات المائية، وبالتالي إلى تقليل كمية الأكسجين في الماء. هذا وإن كان هذا النقص يعوّض عادةً من أكسجين الجو، إلاّ أنّ زيادة الأعداد البكتيرية-نتيجة التلوّث بمواد كيماوية عضوية-تتطلب أثناء عمليات تعفنها المتواصلة، كميات عالية جداً من الأكسجين، مما يؤدي إلى استنزاف أكسجين الماء والهواء معاً ويسارع في موت الكائنات الحيّة، إن لم تمت نتيجة تسممها المباشر بالمواد الكيماوية السامة.

  تلوث المياه من مجاري البول ومحطات تكريرها  

تستهلك المراحيض والحمامات الحديثة كميات كبيرة من المياه التي تُهدر يومياً في مياه المجاري ومحطات تكريرها، وخاصةً في المناطق المزدحمة بالسكان، ممّا يعرّض المياه الجوفية والأراضي الزراعية لخطر شديد. 
فالطلب اليومي المتزايد على المياه، يستنزف باستمرار المخزون الطبيعي للمياه الجوفية، مما يدفع إلى حفر آبار ارتوازية عميقة بحثاً عن الماء، وهذا يقود إلى ارتفاع درجة الملوحة في المياه والتربة معاً، ويؤدي إلى صعوبة الاستفادة منهما زراعياً. 
إضافة إلى ذلك فإن رواسب مياه المجاري التي كانت في يوم من الأيام تستخدم كأسمدة طبيعية، أصبحت تجمّع في أماكن معينة، أو يقذف بها في البحار فتلوثها، قد سلبت الأراضالزراعية مواد عضوية . حيث يتم تعويضها بمواد كيماوية وأسمدة صناعية، تخلف وراءها مشكلات بيئية عديدة. 

  تلوث المياه بالقمامة والنفايات  

تُعد القمامة من أكبر المشكلات البيئية وأكثرها كلفةً، حيث أنّها تشتمل على مواد سامّة مختلفة: من أكياس بلاستيكية وقطع أثاث مختلفة، ومعلبات، ومخلّفات غذائية، وأخشاب وأوراق وزجاج، وغير ذلك الكثير، ومن أجل التخلص منها تقذف في البحار، وخاصةً من قبل الدول الصناعية فتلوثها، أو أنّها تُدفن في الأرض فتتسرب سمّية المواد التي تشملها إلى المياه الجوفية، أو يتم حرقها، فتتطاير منها الغازات السامّة، وتلوّث الهواء والماء والتربة، حيث تنتقل مع مياه الشرب أو مياه الري إلى المزروعات التي يتغذى عليها الإنسان والحيوان، فتسبب أضراراً صحيةً خطيرةً.
بحث عن التلوّث لعناصر الحياة الأساسية
وعلى الرغم من كل هذا تقوم العديد من الدول بدفن القمامات، وإن كان بعضها يحاول تغطيتها بطبقة من البتون أو البلاستيك لمنع تسرب المواد السامة إلى المياه الجوفية، غير أن هذه الاحتياطات تُعدّ مؤقتة، وذلك لأن هذه الطبقات العازلة لا تعمر في أغلب الأحيان أكثر من خمسين سنة، إضافة إلى أن بعض المحاليل الكيماوية مثل (Toluol) قادرة على اختراق الحاجز البلاستيكي دون أن تمزقه. 

  تلوث المياه بمواد كيماوية  

نتيجة تلوث المياه بمواد كيماوية سامة تتكرر المشكلات البيئية والصحية فالمطهرات المختلفة التي تستعمل في هذا العصر، وخاصة تلك التي تحتوي على مركبات فسفورية، تميت كل شكل من أشكال الحياة في مياه الأنهار والبحار، كما إنّ المركبات الكلورية تسمم المياه أيضاً وتقضي على الأسماك التي تعيش بداخلها، مع العلم أن مادة الكلور، على الرغم من سمّيتها المعروفة للأسمالك، تضاف إلى مياه الشرب لتطهيرها من الجراثيم المرضية. 
هذا وينتج عن تلوّث المياه بالمواد الكيماوية تكاثر الطحالب، وموت العديد من الكائنات الحية المائية من نبات وحيوان، علاوة على الأضرار الصحية المختلفة. 
ومن أهم المواد الكيماوية التي تلوّث المياه بشكل عام عناصر من معادن ثقيلة كالرصاص والزئبق والكادميوم، بجانب المبيدات والأسمدة الكيماوية التي تستعمل في المجال الزراعي، وتشمل على مركّبات كلورية، وفسفورية، ونيتروجينية، وبوتاسية وغيرها كثير، حيث تتسرّب جميع هذه الكيماويات مع الحلقة الغذائية إلى الإنسان. 

  تلوّث المياه بمواد النشاط الإشعاعي  

إن وجود العديد من المفاعل النووية، وإجراء التجارب الذرية على وجه هذه المعمورة يؤدي إلى تساقط المواد النشطة إشعاعياً، كغبار ذري، على الأرض، فتلوث التربة والنبات ومياه الشرب، وتنتقل عن طريق الطعام والشراب إلى جسم الإنسان، فتسبب له أمراضاً سرطانيةً خبيثة، كما تقود إلى تغييرات في أجنّته الوراثية. 
فالتجارب النووية تلوّث المياه بمواد مثل سثرنتيوم 90 وبلاتونيوم 239، بينما تلوّثها المفاعل النووية بسازيوم 137 وسثرنتيوم 90 وغيرها الكثير.

  ثالثاً : تلوث التربة الزراعية  

في السنوات الأخيرة ظهرت أضراراً كثيرةً على العديد من المحاصيل الزراعية التي نتجت عن تلوث التربة بمواد سامة ثم تساقطها من الجو مع الأمطار على الأراضي الزراعية كأمطار حمضية، حتى أنها أخذت تهدد مياه الشرب والمزروعات للخطر، إلى جانب اضرارها الملحوظة على طبقة التربة الزراعية، فالمواد السامة المتساقطة من الجو لا تؤثر على طبقة التربة الخصبة فحسب، بل إنها تقضي على الكثير من الكائنات الحية المهمة لخصوبة التربة، وذلك على عمق بتراوح بين 25 إلى 30 سم. 
بحث عن التلوّث لعناصر الحياة الأساسية
فمنذ ملايين السنين والكائنات الحيّة التي تعيش في التربة تحافظ على رطوبتها وتفكك الكتل الترابية فيها، وبذلك تسمح للهواء أن يتخللها، كما أنّها تحلّل المواد العضوية من بواقي النبات والحيوان، وتقدمها كأسمدة للمحاصيل الزراعية، وبالتالي فإنّ فقدان الأرض لهذه الكائنات الحيّة يعني بلا شك افتقاد التربة الزراعية مصدراً رئيسياً مهماً لخصوبتها. 
هذا وقد أصبحت كثير من هذه السموم التي تلوّث الجو وتسقط على الأرض كأمطار حمضية مثل أحماض الكبريتيك والنيتريك، إضافةً إلى آيونات المعادن الثقيلة كآيونات الألومنيوم السامة، تهدد حياة العديد من هذه الكائنات الحيّة المفيدة بالانقراض، وخصوبة الأراضي الزراعية بالانهيار.

  تلوث التربة بالمواد الكيماوية  

من المشكلات الأخرى التي تؤثر على نوعية التربة الزراعية هي المبالغة في تقديم كميات كبيرة من الأسمدة الكيماوية لها، إضافة إلى دفن مواد سامة من مخلفات المركبات الكيماوية المختلفة فيها، وهذه لا تلوث التربة فحسب، بل المياه الجوفية أيضاً. 
ومما يزيد في تفاقم هذه المشكلة تعمير الحقول الزراعية بالبيوت السكنية وشقها بطرق وأرصفة من الإسفلت والإسمنت، وخاصة في المناطق الآهلة بالسكان، حيث أن هذه الإجراءات تقود، إضافة إلى تقليص حجم الأراضي الصالحة للزراعة، إلى التقليل من منسوب المياه الجوفية، لأن الطرق والشوارع المعبدة تمنع عادةً من امتصاص مياه الأمطار، التي تذهب هدراً مع المجاري بدلاً من تسربها إلى جوف التربة. 
هذا كما تؤثر الغازات المتطايرة من المصانع والسيارات تأثيراً سلبياً على التربة، حيث ترفع حموضتها، وتخل من توازنها الطبيعي وخاصة بالنسبة لمخزون المياه فيها. فالتربة الملوثة بالغازات السامة غير قادرة على حفظ المياه، حيث تجرفها الرياح والأمطار وتحولها إلى أراضي غير صالحة للزراعة. 

  من المخاطر التي تهدد زوال التربة الزراعية  

إن حوالي 11% من أراضي هذا العالم تُعد صالحة للزراعة، أما الجزء الباقي فيشمل على أراضٍ جافة أو صحارٍ أو أراضٍ مغطاة بالثلوج والمستنقعات... الخ، غير أن هذه الأراضي الزراعية مهددة بالضياع إذا لم يتم أخذ الإجراءات اللازمة لإيقاف المسببات التي تؤدي إلى تلوثها أو إلى استغلالها لأغراض غير زراعية، ويعتقد بعض علماء البيئة أن انهيار الأراضي الزراعية قد يحدث في السنوات القريبة القادمة إذا استمر الوضع الحالي على ما هو عليه الآن نتيجة التطور الصناعي وزيادة الأعداد السكانية وتحول جزء كبير من الأراضي الزراعية الخصبة في هذا العالم إلى مدن وأرصفة ومصانع وشوارع... ففي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال يتم تحويل 2500 كم2 من خيرة الأراضي الزراعية و 700كم2 من أراضٍ مستصلحة سنوياً لأغراض غير زراعية.
بحث عن التلوّث لعناصر الحياة الأساسية
إن الجفاف الذي اجتاح منطقة الساحل الأفريقي مع مطلع الثمانينات، وأودى بحياة حوالي 100 ألف نسمة وبملايين من أعداد الماشية يعود إلى كثافة المرعى وإلى استنزاف الأراضي الزراعية والمياه. ففي النيجر وحدها ذهب ضحية هذا الجفاف حوالي 8 مليون من قطعان الماعز، وحوالي 300 ألف جمل، حيث كانت أعداد الماشية هذه تفوق بكثير مساحة المراعي وكميات المياه المتوافرة لها، حتى أنّها قضت على كل أخضر. فخسارة الأرض مرة واحدة، تعني خسارتها للأبد، فالطبيعة تحتاج مئات من السنين من أجل تكوين طبقة ترابية لا يتجاوز عمقها 10 سم فقط. 
إنتهى البحث

أكتب تعليق

Facebook SDK

اعلان الهد